الإمام الوارث بن كعب الخروصي رضي الله عنه

 

 

بعد محمد بن ابي عفان بويع بالإمامة الوارث بن كعب الخروصي من أهل بلدة همار من وادي بني خروص ،  ولا يخفى أن بني خروص في عمان  حصيرة الإمامة ومنبت الزهد والورع ، وبيت القصيد في الفضل دينا وإيمانا وزهدا وورعا ، ومعدن فضل في عمان لا ينكره إلا جاهل  ، وكيف يلحق عين الشمس نكران .وكان الوارث أول امام من هذه النبيلة ثم توالت الإمامة منهمزز.

مؤهلاته للإمامة وكراماته :

اشتهر الوارث بن كعب بالورع والزهد وتحذ بذلك عنه الناس في النوادي ،وشاعت كراماته حتى تحدث الكون معه بإمامته وخوطب من حيث لا يعلم ، بل يسمع صوتا ولا يرى شخصا ، فكان في أيام بني الجلندي سرا مخزونا خبأه الله لوقته .

وكان يرى الرؤيا في نومه تدل على ظهور الخق على يديه وأنه كان ذات يوم يحرث في زرع له فسمع صوتا يقول له : اترك حرثك وسر الى نزوى وأقم بها الحق ، ثم ناداه ثانية وثالثة بذلك فألهم الوارث أن يجيب القائل بقوله : ومن أنصاري وأنا رجل ضعيف ؟ فقيل له أنصارك جود الله ، فقال في نفسه ان يكن هذا حقا فلينبت مصاب مجزي هذا ينبت ويخضر من الشجرة التي أصله منها فنبت شجرة ليمون ويقال  أن هذه الشجرة موجوجة حتى الآن .ثم سار الى نزوى وهي في ايدي الجبابرة من أل الجلندي ، فلما وصل نزوى وجد خبازا يخبز وجنديا من جنود السلطان يأكل الخبز ، والخباز يستغيث بالله  وبالمسلمين منه ، فلما رآه الوارث على ذلك الحال زجره ثلاثا فلم ينته فقتله فمضى مسرعا الى مسجد هناك على شاطئ الوادي قريبا والآن يسمى مسجد النصر ، فأسرعت إليه جنود السلطان لتقتله ، فلما وصلو قريبا منه رأو المسجد قد غص بالرجال المقاتلة فلم يصلوه .

وقد بويع بالإمامة في ذي القعدة سنة 197 على ما بويع عليه أئمة العدل وعلى الأمر بالمهروف والنهي عن المنكر وإضهار الحق وإخماد الباطل والجهاد في سبيل الله .

وفي أيامه أراد هارون الرشيد استرداد عمان وأن يضمها تحت ملكه وسلطانه فجهز جيشا على رأسه ابن عمه عيسى ابن جعفر المنصورمن غير أن  يرسل للعمانيون بذلك أو يعرف ما عندهم فلم يرض العمانين بذلك فقاتلوهم حتى أمكنهم الله منهم وأسرو قائدهم .

وفاته:

بعد ما قضى الوارث بن كعب اثنتي شرة سنة وأشهرا في إمامته قائما لواجبات الله عز وجل جاء ما لابد منه لينتقل من دار الفناء إلى دار البقاء. وسبب وفاته أن حبس المسلمين كان في وادي كلبوه من نزوى تحت الشجر  وأنه وقع مطر غزير وسالت الأودية وبالأخص وادي كلبوه وكان الإمام لما رآى الوادي يتزايد ويرتفع أمر بإطلاق سراحهم خوفا عليهم من اجتياح الوادي لهم لم يجسر أحد أن يصل إليهم ، فلما رآى الإمام ذلك عز عليه أن يصبح مساجينه ضحية الوادي وهو حي يرزق فقال: أمانتي وأنا مسئول عنهم غدا وارتمى إليهم لينجيهم مهما استطاع فطغى عليه السيل فحمله مع مسجانيه ، فكانت وفاته في سنة 192 هـ .